أسوأ ما يمكن ان يحدث لكم في برلين

 هل تعرفون أسوأ ما يمكن ان يحدث لكم في برلين؟ سوف اقول لكم بسرعة قبل ان يفتح سؤالي هذا الباب امام إجابات وتكهنات لا تنتهي. بحكم تجربتي أقول، ان تجد نفسك مجبرا على ترك منزلك والبحث عن منزل آخر هو أسوأ ما قد يحدث لك ولعائلتك. البحث عن شقة هو أشبه بالدخول إلى متاهة، لا تعرف كيف ومتى يمكنك الخروج منها. الجميع يعرف ان ايجاد شقة في برلين يشبه الفوز في اللوتو يحصل للمحظوظين فقط، الأمرلا يتعلق فقط في قلة الشقق، بل بمنظومة فساد تتقاضى رشاوى لقاء توفير الشقق لمن يمتلكون المال من جهة، وبيروقراطية لا تقل سوءا عن الفساد

أحاول منذ تسعة أشهر ايجاد شقة أنا وزوجتي واطفالنا الثلاثة، في كل يوم يزداد شعوري باستحالة الأمر، وانني أمام خيارين إما ان اتخلى عن فكرة الحياة في برلين وانتقل إلى قرية بعيدة او ان اعود لاستقر في احدى المخيمات التي لا تزال مفتوحة لاستقبال اللاجئين

الحياة في قرية ليس امرا سيئا على الإطلاق، شخصيا أتمنى العيش في جو هادئ بعيدا عن الضجيج والتلوث، لكنني لا استطيع إرغام أطفالي على التخلي عن اصدقائهم ومدارسهم في برلين أما العودة للعيش في مخيم يعد كارثة بكافة المقاييس.  في كل مرة اتقدم فيها للحصول على شقة تواجهني عقبات عديدة، بعض أصحاب الشقق الخاصة لا يرغبون بأن يكون لدى الأسرة اطفال، وآخرون لا يتعاملون مع الجوب سنتر. ولا ابالغ إذا ما قلت ان هناك من يضع تصنيف تمييزي للغاية في اختيار المستأجرين، فالأفضلية للألمان ثم للجنسيات الأوربية مثل البريطانيين او الإسكندنافيين، في حين يأتي بقية الشعوب وبينهم اللاجئين المسلمين في أسفل السلم. ألا يذكركم هذا التصنيف بشيء؟

أزمة السكن التي تضرب برلين لم تكتف بفتح الباب امام السماسرة الذين يتقاضون عمولات كبيرة تحت الطاولة وحسب، بل فتحت المجال أمام محتالون يستغلون حاجة الناس للبيوت فيقومون بمحاولات الإيقاع بهم عبر عمليات تأجير زائفة تتم غالبيتها عبر رسائل الكترونية مزيفة. شخصيا تلقيت عدد من هذه الرسائل المزيفة لكنني كنت محظوظا لان اصدقائي نبهوني إلى ان هذه الرسائل مزيفة قبل ان اتورط في الأمر، لكني سمعت كثيرا من القصص عن لاجئين قليلو الخبرة وقعوا ضحية لهؤلاء المحتالين. فضلا عن عروض الإيجار الوهمية التي تترك لشهور وشهور على مواقع البحث الرئيسية بعد ان تكون قد اعطيت لأشخاص آخرين!.

قلة المعروض تدفع الناس اليوم لقبول أي شقة بغض النظر عن موقعها او مساحتها او ارتفاعها. احد أصدقائي تمكن من الحصول هو وعائلته على شقة على أطراف برلين، الشقة تقع في الطابق السادس في بناء قديم ولا يوجد فيه مصعد، ومنذ ذلك الوقت، لم نعد نراه كثيرا فليس من السهل مغادرة شقة بهذه المواصفات كل يوم،  كما لا يقوم بزيارته إلا الأصدقاء الرياضيين القادرين على بلوغ الطابق السادس. العجيب ان الكثير من الناس  وعلى الرغم من ذلك هناك من يعتبرهم محظوظين لانهم وجدوا هذه الشقة.!!

 

 

يحيى الأوس

 

Photo by Flo Karr on Unsplash


About the author
Yahya
Yahya

Yahya Alaous, ein syrischer Journalist, arbeitete für viele arabische Zeitungen. Er wurde für zwei Jahre in Syrien verhaftet, nachdem er einen kritischen Artikel über Menschenrechte und Korruption geschrieben hatte. Er kam 2015 mit seiner Familie nach Berlin und schreibt seit August 2015 eine regelmäßige Kolumne für die Süddeutscche Zeitung.

Yahya Alaous, A Syrian journalist, worked for many Arabic newspapers, he was arrested for two years in Syria after writing a critical articles on Human rights and corruption. He came to Berlin with his family in 2015 and he writes a regular column for Süddeutscche Zeitung since August 2015.

calendar

Back to Top
Cookies make it easier for us to provide you with our services. With the usage of our services you permit us to use cookies.